في (حوار فكري) بـ (دراسات): ضرورة تطوير التوجهات المهنية والتدريب لاستدامة كفاءة القوى العاملة

في (حوار فكري) بـ (دراسات): ضرورة تطوير التوجهات المهنية والتدريب لاستدامة كفاءة القوى العاملة

 مواصلةً لجهود الدراسة الاستطلاعية التي أعدها مؤخراً مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"، بعنوان "تأثير جائحة فيروس كورونا (COVID-19) وتطبيق نظام العمل عن بُعد على صياغة الخطط الاستراتيجية المستقبلية لقطاع الموارد البشرية"، نظم المركز "حواراً فكرياً" افتراضياً، من سلسلة ندواته، بعنوان "ما هي التوجهات المهنية المستقبلية للحفاظ على قوى عاملة مستدامة؟"، تحدث فيها كلٌّ من الدكتور أحمد البناء، الرئيس التنفيذي لمجموعة أوريجين ورئيس مجلس إدارة مركزها التدريبي، والأستاذ مشعل الحلو، مؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية التكنولوجيا والأعمال، وأدارت الحوار الأستاذة إجلال بوبشيت، مدير إدارة استطلاعات الرأي في مركز "دراسات".

 
وشمل عرض نتائج تقرير الدراسة الاستطلاعية، الذي قدمته إجلال بوبشيت، عواملاً مهمة ومؤثرات طالت العمل، إثر التحول الذي فرضته جائحة كورونا على مجريات تنفيذ المهام الوظيفية، وفق ما أدلى به 67 مبحوثاً من الجنسين بمختلف مدد الخدمة، من مسؤولي الموارد البشرية وتقنية المعلومات في القطاعات الثلاث الحكومي وشبه الحكومي والخاص؛ إذ تم التطرق لدرجة التغير الوارد على الهياكل التنظيمية والأوصاف الوظيفية، وزيادة الاستثمار في تقنية المعلومات والاتصال، والنظر في متطلبات التوظيف الجديد، وتدابير التأقلم لعودة الموظفين إلى المكاتب بعد انحسار الجائحة.
 
وأسفرت الدراسة عن ثبوت كفاءة عمل الموظفين من حيث الالتزام وكفاءة الأداء بنسبة 78% في القطاعين الحكومي وشبه الحكومي، و82% في القطاع الخاص. وبينت النتائج عدداً من الوظائف عالية الكفاءة والمرونة، تمكن موظفوها من مواصلة العمل والإنتاجية فيها عن بعد، على رأسها التنسيق والمتابعة والاستشارات في القطاع العام، وبعض الوظائف المالية والمشتريات في القطاع الخاص. في المقابل، تعذر تجنب العمل من المكاتب في بعض الأدوار، تتقدمها كبرى وظائف الموارد البشرية والمالية والفنية والهندسية في القطاع العام، والمناصب الإدارية العليا وأدوار الهندسة والتصنيع في القطاع الخاص.
 
كذلك تم رفع الميزانية التشغيلية لتقنية المعلومات بواقع 78% في القطاع العام و64% في القطاع الخاص، مع زيادة مبالغ الاستثمار والتطوير في هذا القطاع بواقع 98% و82% للقطاعين العام والخاص تباعاً. من جانب آخر، أفاد 49% من المبحوثين أن جائحة كورونا ستؤدي إلى خفض عدد الوظائف الحالية في القطاع العام، مقابل 68% ذكروا عدم تأثيرها على عدد الوظائف في القطاع الخاص. وأفاد 47% بعدم حدوث تغيير على أوصاف ومتطلبات وظائف القطاع العام، مقابل 59% رأوا ذات النمط في القطاع الخاص.
 
ورأى 69% من المبحوثين أن برامج التدريب ستزداد في القطاع العام، مقابل 41% لم يروا تغييراً في برامج التدريب للقطاع الخاص. وأفاد 42% بوجود زيادة في المهام الوظيفية في القطاع العام، مقابل 50% لم يلحظوا تغييراً عليها في القطاع الخاص. وجاءت ميزتا منع العدوى واستمرارية العمل على رأس مميزات العمل عن بعد في مختلف القطاعات. في الوقت نفسه، تصدرت مشكلتا وقت التدرب على التطبيقات واختلاف استيعاب مفهوم العمل عن بعد قائمة التحديات الخاصة بالعمل الافتراضي في القطاع العام، مقابل مواجهة القطاع الخاص لمشكلتي ضعف التدريب على التطبيقات وصعوبة إدارة الوقت في العمل عن بعد.
 
وبالعودة إلى الحوار الفكري الإلكتروني لـ "دراسات"، قال خبير الموارد البشرية الدكتور أحمد البناء في عرضه أننا ملزمون بالتركيز على الإنسان كأهم مورد، خاصةً عند اكتسابه لمهارات عملية مطابقة ومكملة لاحتياجات الوظائف التي يحمل الخريجون مؤهلاتها، إذ أن المؤهل المجرد لم يعد عاملاً تنافسياً يرفع من قيمة الأهلية للطالب أو الموظف للحصول على وظيفة أو التطور فيها، أو حتى المحافظة عليها عند الاستغناء عن الموظفين في الظروف الصعبة، مثل جائحة كورونا، داعياً إلى ضرورة الاستمرار في تطوير الطالب والموظف لمقوماتهم المعرفية والمهارية والسلوكية، لتتكون لديهم قيمة مضافة تجعل منهم عملة صعبة ذات تنافسية عالية في سوق العمل.
 
وأضاف د. البناء بأن المطلوب من المؤسسات هو الصمود والمرونة، والمطلوب منها ومن الموظفين أنفسهم هو التركيز على تطوير كفايات العمل والقيادة والشخصية، نظراً للحاجة إلى الموظف المحلل بدلاً من الإداري، لأهمية دوره في التعرف على المشكلات وأوجه القصور وإيجاد الحلول وتطبيقها. ويندرج ذلك تحت بند الاستثمار في الذات من قبل الموظفين وجهة العمل، لاستدامة الطلب على الأدوار الفاعلة والمحافظة عليها، وهو حافز لخروج الطلبة والموظفين الطموحين من المنطقة المريحة واكتساب المزايا التي يحتاج إليها سوق العمل بشدة هذه الفترة ومستقبلاً، مشيداً بالنهج ذاته التي تسير عليه مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة.
 
وضرب د. البناء مثال ظهور الحواسب الآلية في أماكن العمل في ثمانينات القرن الماضي، عندما ظن الناس بأنها ستلغي وظائفاً مكتبية عديدة، لكن ثبت أنها فتحت مجالات واسعة لوظائف أكثر، كانت من نصيب السباقين لاكتساب مهاراتها. وبيّن أن نسبة استيعاب تأثير جائحة كورونا قد بلغت 30%، وأن جل المشكلة التي تسببت فيها هو تحت مستوى النظر مثل جبل الجليد، وأن المؤسسات الأكثر تأهباً للتطور والتأقلم هي التي ستكون مستعدة للتبعات. وأوضح في حديثه متطلبات القوى العاملة المستقبلية، بحسب استطلاع لمؤسسة غالوب شمل 700 مسؤول للموارد البشرية، والمتمثلة في تكيف الموظفين مع المهارات والكفايات الجديدة؛ وإعادة التشكيل والتموضع من قبل المؤسسات بالعدد الأمثل من الوظائف غير المهمة؛ وتوسعة أقسام تقنية المعلومات؛ وتوسعة قاعدة الوظائف التدريبية للمساهمة في إكساب الموظفين والعملاء مهارات جديدة.
 
بدوره، قال خبير تقنية المعلومات الأستاذ مشعل الحلو بأن مملكة البحرين استثمرت منذ عام 2000 في نواة العمل عن بعد، الذي بدأ حينها بالتشريعات وقوانين المعاملات الإلكترونية، وصولاً لما نشرته مؤخراً هيئة تنظيم الاتصالات بأن نسبة النفاذ إلى الإنترنت في المملكة قد بلغت 99.7%، وهي الرابعة دولياً في هذه الميزة، وبالتالي تعوّد المستهلك والموظف المحلي على استخدام الإنترنت وتطبيقاته. وذكر أ. الحلو أن قالباً بسيطاً يجمع الموظفين ليعملوا من منازلهم، ويتمثل في وجود الأجهزة وشبكة الاتصال، وبالتالي كانت بعض الوظائف جاهزة للعمل عن بعد، مع بقاء عدد كبير منها بحاجة للتجهيزات.
 
وذكر أ. الحلو بأن الناس قد اعتادوا تعلم استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي والتطور في اكتساب مهارات تشغيل مزاياها المستجدة بشكل تدريجي وبجهد ذاتي، والحالة الذهنية ذاتها تتكرر مع تطبيقات العمل والاجتماع عن بعد، خاصةً مع إتاحة مايكروسوفت وزووم المجال لتحميل تطبيقاتهم بالمجان للمؤسسات التعليمية وبعض الأعمال. فمن ناحية التزاحم على استخدام تطبيقات التواصل الوظيفي، ارتفع عدد مستخدمي تطبيق زووم في وقت قياسي من 10 ملايين إلى 400 مليون، وتطبيق مايكروسوفت تيمز من 13 إلى 75 مليون. وبيّن الخبير بأن الجانب التقني لم يكن جاهزاً لكن الشريحة الأكبر اكتسبت مهارة الاستخدام في أسبوع أو أكثر، وصارت هذه التطبيقات بديلاً أو مكملاً تفاعلياً للبريد الإلكتروني.
 
وشدّد أ. الحلو على كون أمن المعلومات هو التحدي الأكبر في القطاعين العام والخاص، نظراً للخشية على سلامة وخصوصية البيانات، ويعود ذلك إلى تفاوت مستويات حماية الشبكات بين المؤسسات، وهو عامل مهم اليوم بصفته جانباً رئيسياً في تسهيل التعامل مع العملاء. وأكد أن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية تعمل جاهدة على حفظ البيانات وتأمين الخدمات، والتواصل مع الجهات الحكومية للتوعية وتحديث المتطلبات والممارسات. وأضاف بأن الموظف العامل عن بعد يحتاج الوعي الأمني ليحرص على أمن المعلومات، ويحتاج التنبيه للإبلاغ عن التطورات المشبوهة التي قد تطرأ على الأنظمة أثناء العمل من المنزل، لأن الجائحة شهدت نشاطاً من المتسللين لاختراق أنظمة المؤسسات، غالباً بالرسائل المزيفة عبر البريد الإلكتروني. واختتم أ. مشعل الحلو حديثه بأننا متجهون على الصعيد الوطني للتحول من أنماط العمل التقليدية إلى الرقمية.
 
تجدر الإشارة إلى أن سلسلة الحوارات الفكرية الإلكترونية من مركز "دراسات" تتضمن استضافة المسؤولين والخبراء والباحثين والمفكرين، لمناقشة كافة القضايا محل اهتمام المركز، من منظور استراتيجي، بهدف التوصل إلى توافقات بشأن كافة التحديات الراهنة التي تواجه مملكة البحرين ومنطقة الخليج العربي.

Copyrights © 2013 All Rights Reserved by Origin Group. Developed ByWide Technology.